 هناك أنماط تقليدية للتفكير وأخرى مبتكرة . يبدو هذا الكلام مكررا حتى الآن تماما كأخبار القتل والتدمير في العالم الإسلام .
لكن دعونا نلج خلف ستار الواجهة ذلك لنكتشف تقاليد التفكير وأعرافه ، كي نتعرف على جودة ما نقترحه من حلول .
الوضع القائم = مشكلةÂ
والتغيير = الحلÂ
يحتاج التغيير لعاملين دافعين :
الأول : رغبةٌ وطموحٌ جماهيريين عارمين ( دور الأمة. )
الثاني : رؤية ناظمة تخطط حركة هذا الطموح في شكل إرادة واعية ( دور النخبة ). يحدث أن تتوفر إرادة نخبة لا تغري الجماهير بالتحرك .
ويحدث أن يكتمل مخاض الجماهير دون أن تحظى بناظم نخبوي . لنتحدث عن كيفية. بناء تلك الصدفة وخلق ذاك التزامن بين طاقة الجماهير ونضج النخبة . وأفضل مدخل لذلك هو كشف الخدع العقلية للنخبة وطبيعة مشاعر الأمم والجماهير . الخدع العقلية للنخبة :
كثيرا مانسمع عن " الأيام التفكيرية " التي ينظمها هذا القطاع أو ذاك .
ولنأخذ عينةً، قطاع التعليم ( كما يسمى تفاؤلا ).
يتحدث الجميع عن بناء المدارس والجامعات وتأهيل الطواقم ورفع رواتب المدرسين .الخ . لوهلة يبدو لنا أن تلك مقترحات حلول حقيقية ومنطقية ، وبالتالي Â هي الحل . الأمر ليس كذلك أبداÂ
ما حدث هو أننا تعرضنا لخدع عقلية بسيطة وسنكتشف أنها تكرس الوضع القائم وتمتص أمل التغيير في ذات الوقت . لاحظوا معي أن عقول قطاع التعليم قامت بعملية بسيطة وهي عرض مقترح حل هو عبارة عن نسخة عكسية Â ( نيجاتيف ) من الواقع .
بمعنى إظهار ذات الصورة في الواقع معكوسة الالوان Â وفق المعادلة التالية :
 ( المدارس قليلة = تكثير المدرس ) ( الرواتب ضعيفة = رفع الرواتب ) ( الطواقم غير مدربة = تدريب الطواقم ) ّ.. الخ . لا شك أنكم الان تلاحظون تبعية العقل المفكر في الحل لبنية الواقع .
وتلاحظون كذلك اعتماده على صورة الواقع في انتاج صورة الحل Â . أي انه لم يفكر أصلا في الحل وإنما صاغ مقترحا يشبه المقترح التالي :
( نسبة الفقر عالية = ينبغي خفض نسبة الفقر ). دعونا نشخص في عجالة عيوب التفكير العاكس Â ( النيجاتيف ) .
ونورطه في أسئلة تفصيلية وجذرية . - ماذا لو بنينا مدارس وانشغل غالبية الاطفال في العمل نتيجة فقر عائلاتهم ( استقرار الطبقة المستهلكة للتعليم Â ). - ماذا لو بيننا المدارس واتسعت دائرة بطالة حملة الشهادات ( كارثية تفاقم العرض في وجه انخفاض الطلب Â ) . - ماذا لو رفعنا مخصصات المعلم والكفالة المدرسية والمقاصف والنقل وبدلات السكن والغربة دون أن ندرس تنمية إيرادات الدولة ( علاقة التخطيط بالتنفيذ ) . والأسئلة كثير وليست تلك أهمها بالطبع . طبعا لن أذكركم Â بنتائج أي " أيام تفكيرية " لكننا الآن ندرك لماذا لا يتغير شيء . تفكير النخبة هو مجرد خداع عقلي نقع نحن وإياهم ضحاياه Â . هذا النمط من التفكير يمتص الطاقة الجماهيرية بإيهامها أن حلمها قيد التعقل والتخطيط كما لو كان طلبا مجابا .
بينما يشبه ذلك الوعد شوارع سوار الذهب التي يعد بها الجماهير في الساحات العامة بينما يغالب هو وأعوانه الضحك في سمرهم حين يسألهم " هو أنا ساحر عشان نعمليهم كل ده ؟". أما طبيعة مشاعر الجماهير فهي طاقة تتراكم لتكتمل قوتها المحركة في تسارع عكسي بينها وبين ماتكره ( أي الجماهير). لكن هذه الطاقة تحتاج لحاضنة أول مرتكزاتها عدم الإنصياع للتصديق ومخالعة الوهم .
وكلما تزامن التصديق مع المُشاهد ( نصدق ما نرى ) كلما أزفت لحظة التزامن بين طاقة الطموح الجماهيري ( مشروع الأمة ) و كفاءة النخبة في تصور حلول مبتكرة تعتمد التخيل والمعايرة بين الواقع المتخيل وإمكانيات الواقع المشهود . وسأختم بمقارنة بين معادلة يفرضها الخداع العقلي Â باعتماده عكس صورة الواقع المشهود كصورة للواقع المنشود .
 وأخرى تعتمد استيراد النموذج المتخيل من خارج الواقع المشهود كصورة للواقع المشهود نموذج التعليم في تونس أو في السينغال كهدف منشود .
هذا النموذج أو ذاك أخذ مسبقا بعين الاعتبار كل التحديات المقترنة بتحدي التعليم .
واستيراد النموذج لا يصلح عادة بتفاصيله وإنما يمنح فرصة للتعرف على أدوات وبنى التخطيط الواعي .
وبذلك تتحقق تبعية العقل للابتكار بصفته نقطة الانطلاق ، عكس ما هو حاصل في واقعنا .( تبعية العقل لصورة الواقع )Â
|