اليوم، وقد حدثت صناديق الاقتراع أخبارها، أو بعض أخبارها، وانتهى المجلس الدستوري من النظر في جل الطعون، ودعا رئيس الجمهورية إلى انعقاد "الجمعية الوطنية"، أجد الوقت مناسبا للعودة إليكم، وقد حملتموني، مع لفيف من أبناء الوطن وبناته، مسؤولية النيابة عن الشعب في أداء الوظائف المنوطة بالغرفة التشريعية الوحيدة في الوطن. وهي أمانة خبرتها وأدركت خطرها، وأشفقت منها حتى كدت أحجم عن الترشح لحملها.
تشهد موريتانيا منذ أكثر من سنة هجرة الفئات الشبابية المنتجة، وتزداد هذه الهجرة يوما بعد يوم، يرجع البعضÂ أسبابها للبحث عن تحسين الظروف المادية والبعض الآخر للبحث عن الحرية بشتى مفاهيمها، ويلاحظ المتابعون لتطورات هذه القضية وانعكاساتها على المجتمع إيجابية كانت أم سلبية, الي أن الوجهة المفضلة لهؤلاء المهاجرين هي الولايات المتحدة الأمريكية، عبر المنفذ الجنوبي مع جارتها المكسيك..
تعبر الهجرة عن حركة الأفراد و تنقلهم من موطنهم الأصلي إلى مكان آخر بهدف الاستقرار فيه، سواء داخل الوطن أو خارجه.
و هي علاوة على ذلك تشكل ظاهرة إنسانية و آداة مميزة للتعارف بين الشعوب و تلاقح الثقافات و تقوية أواصر الحضارات.
من المعروف لدى الجميع أن انتخابات 2023 في موريتانيا تم التحضير لها في ظل جو توافقي بين مختلف الأحزاب وبتعاون تام مع وزارة الداخلية وبتوافق بين الأحزاب على تشكيلة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
عبرت قبل أيام من الآن عن حلم قديم-جديد طالما راودني، يتعلق بإيصال التجربة الانتخابية الموريتانية إلى "العتبة العلوية"، من منظور المشاركة والنضج والشفافية والمصداقية، ضمانا لأمن البلاد ومصالحها وتحييدا لدعاة التفرقة وعصرنة للمجتمع.
لقد تعودنا في هذه البلاد، ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي، أن تُصْدِر المعارضة الموريتانية بعد كل استحقاق انتخابي العديد من البيانات والتصريحات التي تؤكد فيها أن الانتخابات شهدت عمليات تزوير غير مسبوقة. لم تخرج المعارضة عن المألوف في هذه المرة، فسارعت من جديد لإصدار بيانات تندد من خلالها بالتزوير غير المسبوق الذي شهدته انتخابات 13 مايو. الجديد في هذه الانتخابات هو أن أحزاب الأغلبية باستثناء حزب الإنصاف أصدرت هي الأخرى بيانات تندد فيها بتزوير الانتخابات، ولم تكن بياناتها بأقل حدة من بيانات أحزاب المعارضة. ولعل أغرب ما في الأمر هو أن حزب الإنصاف لم يسلم هو الآخر من موجة التنديد بما حصل من تزوير أو أخطاء، وقد كانت البداية مع رئيس البرلمان السابق، واتسع الأمر بعد ذلك ليصل إلى رئيس حزب الإنصاف والذي تحدث عن مضايقات اللجنة لممثلي حزبه في بعض المكاتب.
إن ثبت أن وفاة الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين لم تكن طبيعية، وأنه توفي تحت التعذيب، وهناك إشارات كثيرة تدعم هذه الفرضية، إن ثبت ذلك، فإننا سنكون أمام جريمة في غاية الخطورة، يجب أن لا تمر دون تحقيق شفاف، وحساب عسير.
في مثل هذه اللحظات الحرجة و التي أدخلت القلق على كل المهتمين بهذه الأرض، بوحدتها و سلامتها، خرج الشعب الموريتاني صفا متحدا مؤكدا أن المصير واحد، وكانت رسالته واضحة نحن متحدون و لا للظلم،